الحصار حقائق وأدوار
لا يختلف عاقل على حقيقة الحصار المفروض إلى الآن على الشعب الفلسطيني في غزة من قبل محور الرباعية والدول التابعة لامريكا وإسرائيل بغرض كسر إرادته وسلب اختياره باسقاط حماس وحلفائها لتمسكها بالمقاومة ومرجعيتها الاسلامية,
وأن هذا المحورسخر لذلك إمكانات هائلة مادية وإعلامية ومخابراتية ودبلوماسية وسياسية بداية بالتمويل المفتوح لتصفية قادة المقاومة وكوادرها والتنسيق الأمني والمخابراتي ومروراً بإفشال إتفاق مكة واتفاق القاهرة وقمة غزة بالدوحة والإهانة المتعمدة للوفود الرسمية لحكومة حماس المنتخبة والإذلال والتعذيب للمواطنين الفلسطنيين القادمين للعلاج والتعليم وخداع الرأي العام بالفتح الصوري للمعابر ومرور أصحاب التنسيقات الأمنية مع رام الله والإصرار على تسليم أي مساعدات للأنرو (الذي يديرها أطراف من حلف إسقاط حماس ) وصولاً لمحاولات الالتفاف والتحايل على نتائج قافلة الحرية واستيعاب الضغوط وركوب التيار العالمي المطالب برفع الحصار بإطلاق التصريحات الإعلامية المطمئنة وعقد الإتفاقات والترتيبات الخفية التي تؤكد الإصرار على إنهاء وجود المقاومة ذات المرجعية الإسلامية
وهذا ما أكده مبعوث الرباعية بلير- الذي يحاكمه شعبه بتهمة الكذب والخداع – في أول تصريح له بعد مجزرة اسطول الحرية أنه سيعمل على رفع الحصار بطريقة تمكن من عودة السلطة ومحاصرة حماس (يسميها الإرهاب)في نفس السياق قال المتحدث باسم الخارجية المصرية بعد مقابلة بلير الجمعة 7/5/2010 أن مصر تعمل على تصحيح الأوضاع في غزة وعودة السلطة الى القطاع
ولعل هذا التصريح يزيل إستغراب الكاتب محمد حسنين هيكل في لقائه يوم الأربعاء 7 يناير2009 على قناة الجزيرة حين قال
(أنا عاجز عن فهم الموقف المصري تجاه غزة) وفي نفس السياق أعلن سركوزي في اسرائيل أنه سمع في مصر
( أن حماس لا يجب أن تخرج منتصرة في المواجهة الحالية )
(يعني حرب غزة)
وفي نفس السياق تناولت وكالات الأنباء خبرفشل ضغوط جهات مصرية على حماس لدفعها للمبادرة بطلب وقف إطلاق النار قبل أسرائيل حتى أعلن أولمرت أنه لا يثق بجهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار فأعلن ذلك من جانب واحد (ويمثل ذلك نصراً معنوياً لحماس) بالإضافة للإدانة الواضحة والصريحة لتقرير جولدستون للدول المشاركة في الحصار
وفي نفس السياق استخدمت القناة الخامسة للتلفزيون الفرنسي في نشرة أخبار الساعة الخامسة مساء يوم الأحد 6/6 مصطلح (الحصار الإسرائيلي المصري لقطاع غزة (الأمر الذي رسخ صورة مصر كحليف وشريك للكيان الصهيوني في حصاره وحربه على غزة مما أفقد مصرالكثير من رصيدها السياسي والقومي والتاريخي والذي أنعكس داخلياً على العلاقة السلبية بين الدولة والشعب وخارجياً كان مؤسفاً بل مؤلماً المظاهرات التي حاصرت سفارات وقنصليات مصرية في الخارج بسبب حصار غزة وما تقدمه من دعم وخدمة للأمن القومي الصهيوني بإحكام الحصار و ببناء الجدار
بالإضافة الى فقد مصر هيبتها ومقوماتها كوسيط وراعي للمصالحة الفلسطينية (والتي كان من الممكن أن تستبقي بها مصر شيئاً من دورها الإقليمي لا أن تعمد في صياغة الورقة المصرية للتمكين لفريق أوسلو
بالإضافة الى الأضرار الناتجة عن مخالفة مصر للقوانين والمواثيق الدولية التي تزيد من أهتزاز كيانها ووضعها بمخالفتها اتفاقية جنيف في 1949و التي صدقت عليها في 1952، والتي تنص المادة 59 منها على أنه "إذا كان جزء من السكان أو جميعهم في أرض محتلة ليست لديهم الإمدادات الكافية، فإنه يتعين على سلطة الاحتلال الموافقة على برامج الإغاثة.. ويتعين على جميع الأطراف الموقعة السماح بالمرور الحر للشحنات، وضمان حمايتها".(أي فتح دائم للمعابر)
ناهيك عن اتفاقية معبر رفح المنتهيه ومصر ليست طرف فيها ولا حجية لإعمالها وعدم إعمال أتفاقية جنيف
ناهيك عن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، والتي اعتمدت، وعرضت للتوقيع والتصديق، أو للانضمام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948، وكان بدء نفاذها في 12كانون الأول/يناير 1951حيث جاء في المادة الثانية من هذه الاتفاقية صور الإبادة الجماعية على الوجه التالي:
"في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أيًّا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، أوإثنية، أو عنصرية، أو دينية، بصفتها هذه:أ) قتل أعضاء من الجماعة.ب (إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.ج) إخضاع الجماعة -عمدًا- لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًّا أو جزئيًّا.د) فرض تدابيرتستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.هـ) نقل أطفال من الجماعة -عنوة- إلى جماعة أخرى" فهذا النص بكامل صوره ينطبق على ما تقوم به مصر و إسرائيل في حق أهل غزة من حصار وبناء جدار
وزاد من إهتزاز هيبة الدولة ومصداقية انتمائها وأرتباطها الديني والأخلاقي لما يحوي الدين من أحكام واضحة تجرم الحصار و بناء الجدار
ونبين بعضها على النحو التالي
:إن بنا ءالجدار وإحكام الحصارعده الفقهاء من صور العدوان والقتل العمد، . قال الدسوقي الفقيه المالكي: "يقتص ممن منع الطعام والشراب عن مسلم محبوس"
وفي الفروق" من حبس شخصًا، ومنعه من الطعام والشراب فهو قاتل له".
وقال زكريا الأنصاري الشافعي: "لو حبسه ومنعه الطعام أو الشراب والطلب له مدة لزمه القصاص لكونه عمدًا، لظهور قصد الإهلاك به،
وفي هذا أيضاً أخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه( وأخرج أيضاً ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ نَظَرَ إلَى الْكَعْبَةِ فَقَال :
(ما أَعْظَمَ حُرْمَتَك، وَمَا أَعْظَمَ حَقَّك، وَالْمُسْلِمُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْك، حَرَّمَ اللَّهُ مَالَهُ، وَحَرَّمَ دَمَهُ وَحَرَّمَ عِرْضَهُ وَأَذَاهُ، وَأَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ سُوءٍ) وأخرج البيهقي والطبراني بإسناد حسن عن جابر وأبي أيوب الأنصاري قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته. وما من امرئ ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته(
فهذه نصوص الأحاديث وأقوال الفقهاء تشهد بأن من منع الطعام والشراب والعلاج عن شخص حتى مات، قاصدًا قتله أو تعذيبه، فهو قاتل مجرم،
فكيف بمن منع الطعام والشراب والدواء عن أكثر من مليون ونصف من المدنيين، وفرض حصارًا ظالمًا بل ويخدع الشعوب بآلته الإعلامية ويوطن لربط الإسلام والمقاومة بالإرهاب لمصالح وأجندات خاصة